-المصير-
في ظل الجهود الدبلوماسية المتواصلة لتهدئة الأوضاع بين لبنان وإسرائيل، برزت فرنسا كعنصر أساسي في مشهد التفاوض، ما أثار حالة من التوتر السياسي بين باريس وتل أبيب. فقد أفادت مصادر مطلعة لقناة LBCI أن إسرائيل أبلغت الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين، اعتراضها على وجود فرنسا في اللجنة الدولية المكلفة بمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، متذرعة بدعم باريس لقرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ضد الانتهاكات الإسرائيلية.
ورغم هذه الاعتراضات، يصر لبنان على الدور الفرنسي، مشددًا على أن وجود باريس يمثل ضمانة دولية لتحقيق توازن في تنفيذ الاتفاق. ووفق المصادر، فإن هذا الملف هو العقبة الوحيدة المتبقية أمام الإعلان الرسمي عن الاتفاق، في وقت لا تبدو فيه إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات.
توتر قديم متجدد بين ماكرون ونتنياهو
منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، تعكس العلاقة بين فرنسا وإسرائيل توترًا مستترًا أشبه بـ"النار تحت الرماد". الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يتردد في انتقاد السياسات الإسرائيلية علنًا، خاصة مع ازدياد الحديث عن جرائم الحرب في غزة، بينما يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فرنسا طرفًا منحازًا ضد تل أبيب.
هذا العداء المبطن تعمق مع الدعم الفرنسي الواضح للمؤسسات الدولية التي تدعو للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية، ما زاد من تصعيد الخلافات بين البلدين في الأروقة الدبلوماسية.
لبنان والاستباحة الإسرائيلية
لبنان، الذي لطالما اعتُبر ساحة نفوذ فرنسية تاريخية، وجد نفسه خلال الشهرين الماضيين عرضة لهجمات إسرائيلية وصفتها تقارير حقوقية بـ"الإبادة الشاملة"، تشابه تلك التي تعرض لها قطاع غزة. ووسط التصعيد العسكري، برزت فرنسا كداعم أساسي للبنان، مستخدمة نفوذها في المؤسسات الدولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإثارة الانتهاكات على الساحة الدولية.
فرنسا: ضامن التوازن أم خصم إسرائيل؟
إصرار لبنان على وجود فرنسا في أي اتفاق لوقف إطلاق النار يعكس ثقته بقدرة باريس على خلق توازن في المفاوضات مع إسرائيل. لكن هذا الإصرار يضع فرنسا في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، التي ترى في وجودها تهديدًا لمصالحها، خاصة مع تصاعد الانتقادات الأوروبية والدولية لسلوكها العسكري.
بين تمسك لبنان بالدور الفرنسي واعتراض إسرائيل، يتضح أن باريس أصبحت كلمة السر في أي تهدئة مرتقبة. يبقى السؤال: هل تنجح الدبلوماسية الدولية في تخطي هذه العقبة، أم أن الخلاف الفرنسي-الإسرائيلي سيُفشل فرص السلام ويُبقي النار مشتعلة على الحدود اللبنانية؟